- في سبتمبر عام 2011 , خرج الفيزيائي " أنطونيو إيريديتو Antonio Ereditato " باكتشاف علمي صدم العالم , ووعد المجتمع العلمي بإن هذا الإكتشاف سوف يغير فهمنا للكون إذا كانت حقاً البيانات التي جمعها مع 160 عالم يعملون في مشروع OPERA صحيحة !
حيث إدعى " إيريديتو " أنه اكتشف أن هناك جسيمات تسافر بسرعة أكبر من سرعة الضوء - وهي "النيوترينوات neutrinos " !
- وفقاً للنظرية النسبية لأينشتاين - هذا الأمر ليس ممكنا - ولا توجد جسيمات أسرع من الضوء في الكون .
لذا فاكتشاف مثل هذا قد يطيح بالكثير من قوانين الفيزياء التي تُفسر الكون , وسنعيد النظر في الكثير من النظريات العلمية القائمة منذ عقود .
على الرغم من أن " أنطونيو إيريديتو " , كانت لديه هو وفريقه "ثقة عالية " في نتائجهم , إلا أنهم لم يصرحوا حرفياً بذلك , ولكنهم في الواقع - طلبوا من العلماء الآخرين مساعدتهم لفهم ما يحدث !
في النهاية اتضح أن نتائج مشروع OPERA كانت خاطئة بسبب أخطاء في تركيب التوصيلات التي من المفترض أن تُرسل إشارات دقيقة من أجهزة الـ GPS
أدت تلك الأخطاء إلى تأخير غير متوقع في الإشارة , ونتيجة لذلك كانت قياسات المدة التي استغرقها النيوترينو في السير لمسافة معينة قد توقفت عند حوالي 73 نانوثانية , مما جعلها كما لو كانت قد قطعت المسافة بسرعة أكبر من سرعة الضوء .
بعد هذا الخطأ العلمي الغير مقصود - استقال " إيريديتو " - على الرغم من أن أخطاء مثل هذه تحدث دائما في الآلات المعقدة في مسرعات الجسيمات .
لكن - ما الذي جعل هذا الإفتراض الخاطيء بتلك الأهمية ؟
هل نحن متأكدون بالفعل أنه لا يوجد شيء يسافر أسرع من الضوء ؟
إن سرعة الضوء في الفراغ هي 299،792.458 كم/ الثانية أي تقريباً 300،000 كم / ثانية , وتقع الشمس على بعد 150 مليون كيلو متر من الأرض , ويستغرق ضوءها حوالي 8 دقائق و20 ثانية فقط للوصول إلى الأرض .
وحتى الآن لم يصنع الإنسان أي شيء يمكنه أن يسابق الضوء بسرعته , فواحدة من أسرع الأشياء البشرية الصنع كانت " مسبار الفضاء نيو هورايزونز " , والذي مرّ بـ " بلوتو " عام 2015 , وقد وصل لسرعة تزيد عن 16 كم / ثانية - ولكنها بالطبع أقل بكثير من 300،000 كيلومتر / ثانية.
ومع ذلك تمكن العلماء من جعل الجسيمات الدقيقة تتحرك بسرعات كبيرة , ففي أوائل الستينات , جرّب " وليام بيرتوتزي " في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا القيام بعملية تسريع الإلكترونات بسرعات أكبر .
اعتمد " بيرتوتزي " في تجربته على حقيقة أن الإلكترونات تحمل شحنة سالبة , ولذا فمن المكن أن تتنافر مع الشحنات السالبة الأخرى للمادة ,وكلما زادت الطاقة المستخدمة في عملية الدفع والتنافر أو " الإرتداد " , كلما زادت سرعة الإلكترونات .
ولكن على الرغم من ذلك تبيّن للعلماء أنه لا يمكن أن تتحرك الإلكترونات بسرعة الضوء , حيث وجد " بيرتزي " أن استخدم المزيد من طاقة الدفع والإرتداد للإكترون لا يؤدي ببساطة إلى زيادة نسبية لسرعته, وحتى بعد أن استخدم كميات أكبر من الطاقة الإضافية لإحداث اختلافات في السرعة التي تتحرك بها الإلكترونات , اقتربت بالفعل سرعتها من سرعة الضوء , ولكن لم تصل إليها أبداً ...
وهذا الأمر يقودنا إلى سؤال آخر ..
بما أن الضوء يتكون من جزيئات تُسمى " الفوتونات " - لماذا يمكن لهذ الجسيمات أن تتحرك بسرعة الضوء في حين لا تستطيع جزيئات مثل الإلكترونات أن تفعل ذلك ؟!
- يقول " روجر راسول - عالم الفيزياء بجامعة ملبورن " عندما تسير الأشياء بشكل أسرع فأسرع , فإنها تُصبح أثقل فأثقل , وكلما إزدادت في الثقل , كان من الصعب عليها أن تحقق التسارع , بحيث لا تصل أبداً إلى سرعة الضوء" .
" أما الفوتون - في الواقع ليس لديه كتلة , فلو كان يمتلك كتلة , فلم يكن يستطيع أبداً أن يسافر بسرعة الضوء" .
والفوتونات هي جزيئات مميزة جداً - ففضلاً عن أنها لا تملك كتلة مما يمنحها القدرة على السير في الفراغ بسرعة الضوء , إلا أنها ليس عليها الإسراع , فطاقتها الطبيعية التي تمتلكها تمكنها من التحرك بسرعة الضوء فور ولادتها - وهي بالفعل السرعة القصوى لها .
ومع ذلك - فإن الضوء يسير أحياناً بسرعة أبطأ مما نعتقد , فالضوء فعلياً يسير أبطأ بنسبة 40% خلال زجاج الألياف الضوئية أكثر مما يحدث في الفراغ .
إن كل شيء من الموجات الراديوية إلى الموجات الدقيقة إلى الضوء المرئي , والأشعة الفوق بنفسيجية , الأشعة السينية , وأشعة جاما - جميعها تتكون من الفوتونات وتسير بسرعة الضوء المعروفة , وتختلف فقط في كمية الطاقة , والطول الموجي , وهذه الأشعة مجتمعة تُشكل الطيف الكهرومغناطيسي .
لذا فالضوء من عناصر الكون الثابتة , فأحد النقاط المهمة في النظرية النسبية الخاصة لإينشتاين , هي فكرة أن الضوء سرعته ثابتة بغض النظر عن مكان وجودك أو مدى سرعتك .. فإنه سيظل دائما يسافر بنفس السرعة .
ولا توجد جسيمات تستطيع السفر بسرعة الضوء لإن ذلك يتطلب أن تكون تلك الجسيمات بلا كتلة تماماً كالفوتونات المكونة للضوء المرئي .
المصدر/ bbc.com/earth/story
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق